كانت لحظة من الزمن المتبدد الغير محسوب , حينما سقطت بسمة شاردة حالمة من فوق شفتيه,في لحظة اشتياق الندى للمطر المحبوس خلف قضبان حجرية سقطت في حين غفلة وقد انغرست تحت ركام الأمل المحترق ... وهو يقف كالجبل الشامخ تحيطه طوابير من العيون التي تحدق فيه بوجل ... وتنقاد نحو تراتيل سحرية تصنع الصمت والسكينة فيهم .. .. كانت تلك الابتسامة المحذوفة من ضحكات الوادي وأشجار العنب والرمان قد تدلت فوق صخرة الحزن والألم وشقت طريقها بين تلك الصخور القاسية تبحث عن وكر أو عش مهجور لترتمي فيه حيث تصنع انهارا للعطشى والعاشقين ... وحاولت جاهدة ان تلتقط أنفاسه التي تطير أسراب حمامات في سماوات العشق المكتظة بالأنين . تنظر نحوها وترسم فوق أجنحتها عشق العصافير وظمأ الأرض . وأخذت تزرع لحظات من الزمن المسروق وهي تنتظر إطلالة شمس الوادي لتحيلها غابات صمت وحيرة تمتد في زوايا روحها المتعبة من غربة السنين الطويلة ووحشة الدرب الحالك البهيم . كانت تنتظره بكل اشتياق حتى سقطت نجوم سماءها الفضية واحدة تلو الأخرى وهي تلملم خطاه وترسم عندها خريطة الغربة والانتظار......حتى أصبحت شجرة ياسمين ترمى بأغصانها ظل حنونا" فوق الأرض الطيبة وتحلم بالعودة الى ذالك الوجه الباسم التي تشرق منه شموس الأفاق البعيدة وعوالم العشق الأزلية وترتمي فيه أخيلة الماضي وتنبع من بين جنباته انهار الحلم والحقيقة .... كان الوصول هو الحلم ... والحقيقة هو والوهم ... إلى ذالك النبع الصافي الذي تتوافد اليه ملايين الطيور المهاجرة ..لتستبيح لنفسها ارتشافة أو اكثر ...كانت تنظر نحوه وجحافل الحسرة والظمأ تكسر فيها كل امل في الوصول أو العودة الى الذاكرة المنسية والاختباء خلف وجه مجنون أو عاشق ... ثم بدأت تعد اوراق الزمن المتساقطة فوق اغصان الياسمين عله يوما ما يغادر برجه العاجي وينظر صوب الركن الحالم باللقاء والعودة ... لتعود من جديد الى الوجه الذي اضاعها واستباح احتراقها وكانت لحظة حين لملمت أنفاسها وكادت ان تحط الرحال فوق الوجه الحالم بعوالم بعيدة مضيئة ووهاجة ...الا ان قبضته وعصاه كانت أسرع وأسرع حيث كسرت فيها كل الاحلام المتجمدة منذ زمن وطارت معها عصافير العشق بعيدا ... فعصاه التي فارقتها رطوبة الحياة واللوعة لا تميز بين فكي الذئب وشجرة الياسمين وماتت البسمة وتيبست معها كل أغصان الياسمين واستحال عشقها له تنهدات للزمن الغافي فوق أكتاف الحالمين ...