الســـفر عـبــر الزمــن يعد العالم البريطاني ستيفن هاوكنك (Steven Hawking) من ابرز علماء الفيزياء ليس في بريطانيا - مسقط رأسه - فحسب وانما على المستوى الدولي ، فقد اثبت العديد من النظريات التي ساعدت في تطور العلم الحديث في مجال الفيزياء النظرية والتطبيقية ،
ولعل من ابرز اسهاماته في هذا المجال هو العلاقة بين الثقوب السود التي اكتشفتها المراصد المتطورة في الكون والديناميكا الحرارية والدراسات التي اصدرها في مسألة التسلسل الزمني لنشوئه . ابرز ما يميز سيرته الذاتية هو اصابته بمرض عصبي خطير وهو في الحاد والعشرين من عمره فقد اكد الاطباء انه لن يعيش اكثر من سنتين لكن هاوكنك قاوم المرض الذي جعله مقعدا بشكل كامل غير قادر على الحراك الا انه نجح في مجاراة اقرانه من علماء الفيزياء الاصحاء الذين يكتبون معادلاتهم ويجرون حساباتهم على الورق بايديهم اما هو فيجري ذلك في ذهنه حيث يستخدم جهازا الكترونيا خاصا تم ايصاله بكرسي متحرك يتلقى الاوامر عن طريق حركة الرأس والعين ليعطي بيانات مخزونة في الجهاز الذي هو عبارة عن حاسوب طورته احدى الشركات بعدما اقعده المرض . ولد ستيفن هاوكنك عام 1942 في مدينة اوكسفورد في بريطانيا ، واكمل دراسته في جامعة كمبرج التي حصل منها على شهادة الدكتواره في علم الكون ، وهي ذات الجامعة التي حاز فيها العالم الشهير اسحق نيوتن على كرسي الاستاذية قبل اربعة قرون اذ يعتبر حصوله على الدرجة العلمية نفسها التي حصل عليها نيوتن من قبل فخرا له. يتميز هاوكنك بفكر ثاقب وبديهية عالية وله انجازات كبيرة من البحوث والدراسات والنظريات ففي العام 1971 اصدر نظريته بالتزامن مع نظرية عالم الرياضيات روجر بنزوز التي اثبت فيها ستيفن هاوكنك رياضيا وعبر النظرية النسبية لاينشتاين بان الثقوب السود او ما يعرف بين اوساط علماء الفلك بالنجوم المنهارة بالجاذبية هي حالة تفردية في الكون اي انها حدث له نقطة بداية في الزمن. وفي عام 1974 اثبت نظريا ان الثقوب السود تصدر اشعاعا على العكس من كل النظريات المطروحة في ذلك الوقت فقد سمي الاشعاع على اسم العالم المذكور الذي استخدم نظريات ميكانيكا الكم وقوانين الديناميكا الحرارية لاثبات نظريته كما طور مع مساعده جيم هارتل من جامعة كاليفورنيا نظرية ألاحدود للكون والتي غيرت من التصور القديم للحظة الانفجار الكبير عن نشأة الكون . ولعل اجابته على سؤال: ماذا يأتي قبل الانفجار الكبير للكون وكانت تجتبته: (ان هذا السؤال يشبه سؤال: ما المكان الذي يقع شمال القطب الشمالي) تعد تلخيصا لنظريته بشأن الكون المغلق الذي بلا حدود الا ان الطرح الاكثر اثارة هو التحذير الذي اطلقه هاوكنك للبشر الذي يواجه خطر الانقراض- بحسب قوله- اذا لم يستوطنوا كواكب اخرى خارج المجموعة الشمسية التي تضم الارض باستخدام مركبات فضائية تزود بوقود بديل عن الوقود التقليدي الحالي مايزيد سرعتها للوصول الى الهدف بزمن قياسي لان اقرب كوكب ملائم للاستيطان يحتاج خمسين الف سنة للوصول اليه باستخدام الوقود الذي تعمل به المركبات في الوقت الحاضر . وعزا ذلك الخطر الى كارثة كونية او من صنع البشر يمكن ان تؤدي زوال الجنس البشري من على الارض ما يستدعي الى حلاً ثورياً الى تلك المشكلة . وعلى الرغم من ان حديثه هذا ينطوي على الكثير من الامور التي تدخل في مجال الخيال العلمي الا انه تطرق الى بعض النظريات والحقائق الفيزيائية في سعيه الى ايجاد حل لمشكلة القوة الدافعة للصواريخ الفضائية اذ يؤكد هاوكنك انه اذ تم اكتشاف وقود يتيح لهذه الصواريخ السير بسرعة تقل قليلا عن سرعة الضوء فان ذلك الحلم سيكون سهل المنال . ويستند هاوكنك في ذلك إلى حقائق علمية مفادها ان الزمن يتباطأ في المركبة التي تسير بسرعة (290) الف كيلو متر في الثانية اي اقل من سرعة الضوء الذي يقطع مسافة (300) الف كيلو متر في المدة نفسها فمثلا اذا سافر انسان في مركبة فضائية تسير بسرعة (290) الف كيلو متر في الثانية الواحدة الى كوكب يبعد عن الارض مسافة يقطعها الضوء في زمن مقداره مثلا عشرة ملايين سنة طبقا للوقت على الارض فانه يستطيع الوصول الى الكوكب بزمن مقداره عشر ساعات بحسب ساعة المسافر التي يتباطأ سير الزمن فيها في الفضاء الخارجي فمعنى ذلك ان السفر في الفضاء بسرعة قريبة من سرعة الضوء يسمح لاي انسان شاب ان يصل الى كوكب يبعد عن الارض اكثر مما تبعد الشمس بملايين المرات قبل ان يشيخ او يموت فالسفر الفضائي بمثل هذه السرعة يطيل كثيرا عمر الانسان بالنسبة الى سكان الارض وليس بالنسبة اليه فهو سيعش مثلا سبعين عاما بحسب ساعته ولكنه بحسب ساعة سكان الارض عاش مثلا ملايين السنين .
عبقور الحكيم
عدد الرسائل : 1037 العمر : 113 الهوايات : النوم تاريخ التسجيل : 29/11/2007