أ بعث تحياتي الحارة لأبناء وطني الحبيب وإلى تلك الأرض المباركة، التي غيرت في الكثير من المفاهيم.
بداية دعني أعرف نفسي فأنا فتاة صومالية نشأت وترعرعت في الخارج ولسوء حظي بقيت هناك أكثر من عشرين عاما وأنا لا أعرف عنه شيئا سوى اسمه وموقعه الجغرافي، ولكنني في لحظة ما قررت أن أقوم بزيارة أختي المقيمة في الصومال هي وأبناءها.
ورغم الترهيب والتحذير من جميع المحيطين بعم خوض هذه التجربة فقد قررت أن أعرف الحقيقة بنفسي، تلك الحقيقة المغيبة عن كثير من المغتربين الصوماليين.
قررت أن أبعد الخوف من المجهول وأمضي قدما، ووسط انتقادات الجميع خطوت إلى خطواتي نحو الوطن وأنا أضع في ذهني أسوأ الاحتمالات ،وفي لحظة صمت وجدت نفسي في كم هائل من الدمار والخراب ولا أخفيكم فقد شعرت بألم وحزن دفين لما آلت إليه البلاد ، إلا أن تلك الصورة الموحشة ما لبثت أن تغيرت بين عشية وضحاها وذلك حين رأيت جوانب مضيئة كثيرة لم تعشها الصومال من قبل.
وقد سررت لرؤية تلك الصحوة التعليمية والطبية الكبيرة التي شهدها البلد سواء على مستوى مراكز رعاية الطفولة والأمومة أو على مستوى المدارس والمعاهد والتعليم العالي بكافة تخصصاتها، وقد زرت لعدد من هذه المؤسسات التعليمية وتفاجأت لما شاهدته من رعاية واهتمام بالجيل الناشئ.
أما مراكز الشباب التي تقوم بتثقيف وتنمية مهارات الشباب فقد كانت مفاجأة بالنسبة لي فهي ضرورية لتوجيه الشباب وتنمية قدرات أبناء هذا الوطن.
وفي المجال الطبي فقد أنشأت العديد من المستشفيات المزودة بكافة الأجهزة اللازمة للقيام بمستلزمات المرض.
أما الطاقم الطبي فهم مجموعة من خيرة الأطباء والممرضات ذوي الخبرة الواسعة والذين فضلوا ممارسة عملهم النبيل في ربوع الوطن بدلا من التفرج والانتظار.
زرت جامعة مقديشو تلك الفكرة التي آمن بها مجموعة قليلة من خيرة أبناء الوطن استطاعوا بإصرارهم وإيمانهم القوي من تحقيق ما كانوا يطمحون إلية وهو تثقيف الشباب الصومالي والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان؛ ورغم حداثة عمر الجامعة إلا أنها خرّجت أعدادا كبيرة من الطلبة بل وقامت المتفوقين منهم لبعثات خارجية لإعداد الدراسات العليا هناك. إن جامعة مقديشو قد بذلت جهودا خارقة ولذلك فقد حصلت على دعم وتأييد الجامعات العربية والإسلامية العريقة، ولهذا فإنني أعتبرها معجزة !! أجل إنها معجزة شعب عانى من الحروب والمجاعات والجهل لسنوات طويلة ولكنه وبالرغم من كل شيء مازال صامدا ويقاوم بضراوة شديدة معلنا الحرب على الخوف والجهل والاستسلام لظروف البلاد الراهنة فهنيئا لكم يا شعب الصومال بأبنائكم المخلصين وإرادتكم القوية، وفي تلك اللحظة بالذات أدركت أن لدى المغتربين أفكارا مشبوهة عن الوضع في الصومال، ولهذا السبب فإنني أرجو من كل مغترب صومالي أن يقوم بزيارة أرض الوطن لرؤية الواقع بعينيه وليساهم ماديا ومعنويا بنهضة هذا الشعب المناضل. فليحفظك الله يا أرض الصومال ويبارك بأبنائك الطيبين