قد ظلت هذه المجموعة الأمازيغية من الناحية الإعلامية كالشبح الحاضر الغائب، وكأن المشاهد المغربي ينتظر متى يسقط القمر في البئر، ليتابع إحدى قنواتنا تستضيف إزنزارن بإحدى سهراتها التلفزيونية. وبصمت المجموعة، طيلة فترة القطيعة والتهميش الإعلامي،الساحة الغنائية عبر مسيرة فنية حافلة ومشاركات متميزة في السهرات والمهرجانات الموسيقية والثقافية المختلفة. ففي وثيقة ميلاد جديدة كتبتها فرقة إزنزارن، أوضحت أنها غنت بالقصر الملكي سنة 1983 أمام الملك الراحل الحسن الثاني، الذي استقدم المجموعة من أكادير إلى الرباط عبر طائرة خاصة، وأعجب الملك حينها بأغانيهم وترانيمهم، بل رفع الكلفة وخلق الألفة وساير إيقاع الموسيقى الأمازيغية مع المجموعة. كما شاركت إزنزارن في مهرجان أكادير (2001) الذي نظمته القناة الفضائية "إي آر تي"، وأدرجت القناة سهرة المجموعة ضمن برامجها، بل وقدمت إعادة للسهرة بعد الاختتام، في حين أن سخرية الأقدار دفعت القناة الأولى (إتم) إلى برمجة تسجيلات لجميع السهرات، باستثناء سهرة فرقة إزنزارن، علما أنها حققت إقبالا جماهيريا أثار دهشة المنظمين العرب حينها. وتزداد غابة الأسئلة كثافة عندما نجد القناة الثانية لا تبدي أي مجهود للتعريف بالمجموعة، وكأن الجميع يحاول إخفاء هذه القضية تحت السجادة ... رغم أن هناك مصادر تقول إن القناة في خضم اتصالات مع رئيس المجموعة عبد الهادي إكوت، اتصالات مازال يشوبها الغموض والتكتم. مجموعة إزنزارن (الأشعة) تأسست سنة 1972 على أيدي إبراهيم طالبي وعبد الهادي إكوت ولحسن بوفرتل، وكان هؤلاء من خريجي "جوق النهضة السوسية"، وفي حدود 1976 أصدرت المجموعة أول أشرطتها وقدمت أغنيتها المشهورة "إمي حنا" (أمي الحنون)، أغنية رددها الجمهور الأمازيغي وغير الأمازيغي. واعتمدت إزنزارن الوضوح في معالجة القضايا والتيمات الإنسانية كأهم مقومات عملها الفني والموسيقي، من خلال هاجس إنساني يراهن على الزمان كخط تحريري إبداعي، وعلى المكان كحقل شاعري ووجداني عريق، فجاءت أغاني المجموعة في قالب من البساطة الاستيعارية وأصالة اللغة والإيقاع الأمازيغي الداعي إلى التأمل والتفكر. ولعل الأمر الذي لا تشوبه شائبة إلا بقدر ما يلزم الوردة الجميلة من الشوك، هو أن أغلب قصائد إزنزارن الغنائية ترسم لوحة قاتمة للواقع اليومي المعيش، بطريقة تلامس عبرها الانكسار الذاتي والرفض والتشاؤم، إلى درجة تعجز فيه الدموع عن مواجهة سوداوية وظلم هذا البعد الاجتماعي والإنساني. أبدا ... لا توجد قطيعة بين الإعلام الوطــــني ومجموعة إزنزارن، فالقطيعة تأتي دائما بعد الألفــــــــة، ما يوجد هو جدار من الجلـــــــــيد لا يعمل أحد على إذابته.