"" كن ذا بصمة ""

مر اليوم وهو يفكر ويفكر... تمنى أن يقوم بالمهمة لولا أن ابنته أريج هي التي تولتها بدلا من أن يقعد ككرسي عاجز عن الحركة ينتظر رجوع الابنة محملة بابعاد شبح الهزيمة , هذا كان أمله ,أمضى يومه يتأمل في حياته الماضية بشتى حذافيرها وخصوصا تلك التي كان فيها جاليا على عرشه يحكم قبور الأموات دون أن يأخذه أي ريب في نجاح أريج التي ستنقل له خبر ابعاد شبح المنافس الجديد لحراسة المقبرة قريبا ,أراد أن لا يغادر عرشه السرمدي أبدا,أنف الفكرة أنفا لايريد أن يتزحزح من ذلك المكان الذي يعني له حياته وربما ستنتهي بعد تركه في نظره.
ماإن أصبح الأصيل حتى وصلت أريج إلى عين المكان ونقل الخبر لوالدها بكل أمان جابهت الصعاب لتقول لوالدها:"أبي لم أنجح هذه المرة ,آآآآسفة.",نزلت دمعة على خد محمد قائلا:"لاعليك يابنيتي فربما قد يسوغ لي هذا أن أمضي الحياة المتبقية لتعويضكم ,تعويض أسرتي عن غيابي في السنوات الماضية",ارتمت أريج على صدر أبيها تواسيه بكلمات رقيقة مقبلة جبينه ويديه ذات التجاعيد الخفيفة متمنية له طول العمر.
لقد جرع محمد خبر إحالته على المعاش جرعة واحدة كادت أن تؤدي بحياته للموت لهزالة جسمه وضعف قوته والأكثر من ذلك تحطم نفسيته, لكنه في الأخير اقتنع حضيض القناعة أن كل انسان في أي مركز كان سيأتي اليوم الذي يغادره ويكون بذلك فان.
"" كن ذا بصمة ""
بقلم : كوثر المحمودي