تشهد مختلف ثانويات ولاية تيزي وزو إقبالا نسبيا ومحتشما لتلاميذ الأقسام النهائية قصد تلقي الدروس التدعيمية المتزامنة مع العطلة الربيعية لدعم وتقوية مستواهم العلمي استعدادا لامتحانات شهادة البكالوريا دورة ,2008 وهذا الإقبال المحتشم لتلاميذ النهائي على الثانويات تعود مجمل أسبابه إلى انعدام أدنى الإمكانيات الضرورية لصالح التلاميذ، وتأتي في مقدمتها مشكل النقل المدرسي ونقص التأطير·
تيزي وزو; إقبال محتشم للتلاميذ على الدروس التدعيمية بسبب إنعدام النقل ونقص التأطير
مجيد خطار
قامت ''الجزائرنيوز'' بجولة استطلاعية عبر مختلف ثانويات مناطق ولاية تيزي وزو قصد معرفة الحقائق والأسباب التي دفعت بالعديد من التلاميذ المقبلين على شهادة البكالوريا إلى الامتناع عن التنقل إلى مختلف الثانويات للاستفادة من الدروس التدعيمية التي سطرتها وزارة التربية الوطنية للرفع من مستوى وكذا من نسبة النجاح في البكالوريا·
كانت مختلف الآراء والشهادات التي رصدتها ''الجزائر نيوز'' متشابهة في مجملها عبر مختلف الثانويات منها ثانويتي علي ملاح وحمداني سعيد بدراع الميزان، ثانوية زعموم ببوغني، ثانوية كريم بلقاسم بدراع بن خدة وكذا ثانوية الخنساء بمدينة تيزي وزو···· فأجمع العديد من التلاميذ على أن عدم تخصيص النقل المدرسي من الأسباب الرئيسية الذي أدى إلى عزوف تلاميذ النهائي من الإقبال على الثانويات خصوصا التلاميذ الذين يقطنون في القرى والمداشر التي تعتبر مناطق معزولة، مثل تلاميذ بلدية أيت يحي موسى الذين يزاولون دراستهم بذراع الميزان، حيث يسلك هؤلاء أزيد من 25 كلم ذهابا وإيابا يوميا كما يكلفهم النقل حوالي 120دج· وفي هذا الصدد، يقول الطالب (م· كريم): ''أنتقل إلى ذراع الميزان يوميا قصد تلقي الدروس التدعيمية وأعتمد على النقل الخاص الذي يكلفني 120دج مصاريف النقل وحده فقط''، ويضيف: ''العديد من الزملاء رفضوا المجيء إلى الثانوية لتلقي الدروس وهذا لضعف إمكانياتهم المادية''· وفي السياق نفسه، يقول الطالب (ي· أحسن) من آيت كوفي ويزاول دراسته في ثانوية زعموم ببوغني: ''أنا مجبر على التوقف عن مزاولة الدروس التدعيمية لأن إمكانياتي ضعيفة من الجانب المالي، أي أنفق يوميا 70 دج في النقل''·
ومن جهة أخرى، صرح بعض التلاميذ لـ ''الجزائر نيوز'' أنهم امتنعوا عن الذهاب إلى الثانويات لتلقي الدروس التدعيمية لأن بعض الثانويات استعانت بخريجي الجامعات الجدد في إطار عقود ما قبل التشغيل· وبحسب التلاميذ فهؤلاء الأساتذة غير أكفاء وغير قادرين على تلقين الدروس لهم خصوصا في الفروع التجريبية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء·
كما نجد تلاميذ ثانوية كريم بلقاسم بدراع بن خدة يتوافدون على المكتبة البلدية لمراجعة الدروس جماعات، إذ أكد هؤلاء أنهم يستوعبون الدروس بهذه الطريقة أفضل من الثانوية مع الأساتذة الجدد· كما صرح البعض أنهم يقومون بمراجعة الدروس بدفع مبلغ مالي لأساتذة أكفاء يملكون قدرات عالية وخبرة كبيرة في المجال· وفي هذا الصدد يقول (ب· حسين): ''دفعت 1000دج لأستاذي الرياضيات والفيزياء اللذان يدرسان في إحدى الشقق بذراع بن خدة طوال الـ 15 يوما المقررة للعطلة الربيعية''·
وعند تجوالنا داخل قاعات مختلف الثانويات بتيزي وزو، لمسنا غياب العديد من الأساتذة وهذا بدليل تواجد التلاميذ بمفردهم داخل قاعات الدراسة، وعندما استفسرنا عن الأمر أكد لنا أحد الأساتذة رفض الكشف عن هويته قائلا: ''رفضت منح الدروس التدعيمية لتلاميذ السنة النهائية لأنني لم أستلم إلى يومنا هذا مستحقاتي المالية في إطار الدروس التي قدمتها سابقا''·
وبحسب شهادات التلاميذ الذين فضّلوا الذهاب إلى الثانويات للاستفادة من الدروس التدعيمية، أكد العديد منهم أنهم اعتمدوا فقط على مراجعة الدروس في المواد الأساسية، فتلاميذ شعبة العلوم الإنسانية والأدب العربي يراجعون خصوصا مادة الفلسفة، التاريخ والجغرافيا وكذا الأدب العربي· أما تلاميذ شعبة العلوم التجريبية فأكدوا أنهم يراجعون مادة الرياضيات، العلوم الطبية، الفيزياء·
كما أبدى بعض الطلبة المقبلين على شهادة البكالوريا شعبة اللّغات الأجنبية بكل من ثانوية علي ملاح بذراع الميزان وثانوية كريم بلقاسم بذراع بن خدة، أبدوا تذمرهم واستياءهم لعدم إعطاء الإدارة الأهمية للغات الأجنبية مثل الإنجليزية والألمانية، وهو ما دفعهم إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية مقابل مبالغ مالية·
ومن جهة أخرى، اكتشفنا خلال استطلاعنا عبر مختلف المكتبات الجوارية وخصوصا المكتبة البلدية لذراع بن خدة أن تلاميذ النهائي يقومون بحل امتحانات حوليات البكالوريا للسنوات العشرة الأخيرة وكذا الامتحانات النموذجية المنجزة مؤخرا من قبل الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات التي تتضمن كل الحلول·
ولكن لم يخف العديد من الطلبة في تصريحاتهم لـ ''الجزائر نيوز'' أنهم يعيشون حالة من الخوف والقلق على مستقبلهم الدراسي بسبب التلاعبات المفرطة بالبرنامج الدراسي· وفي هذا الصدد، أكد الكثير من التلاميذ أن هناك بعض الأساتذة يقدمون درسين في ساعة واحدة، وأكثر من ذلك صرح هؤلاء أن هناك بعض الأساتذة لا يمنحون الفرصة للتلاميذ خلال الدرس قصد الاستفسار أو محاولة الفهم وهذا ما اعتبره هؤلاء التلاميذ إجحافا في حقهم·
لكن بالرغم من كثافة البرنامج الدراسي وكذا التجاوزات التي يمارسها العديد من الأساتذة في حق التلاميذ، إلا أنهم يقومون بجهد كبير في مراجهة دروسهم إما في الثانويات أو المكتبات أو في المنازل·