عبد الرحمن أبو عوف 16/9/1427
09/10/2006 أكد الدكتور محمد عبد المنعم البري الرئيس السابق لجبهة علماء الأزهر وعميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية العالمية ببنجلادش، أن شهر رمضان يمثل له حالة خاصة في مسيرة حياته.. إذ إنه اعتاد أن يقضي رمضان في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر (20)عامًا، مؤكداً أن رمضان في أمريكا له مذاق آخر؛ يشهد إقبالاً من أبناء الجالية الإسلامية على الصيام وقيام الليل وصلاة التهجد والتراويح، فضلاً عن الاعتكاف؛ إذ تحرص السيدات على الاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر من رمضان أكثر من الرجال، وهو ما يؤكد أن النساء استطعن الحفاظ على هويتهن الإسلامية من الذوبان في أمريكا على الرغم من حملات العلمنة والتغريب الشديدة التي تُشن ضدهن".
وشدّد البري على أن العشرات من الأمريكان على رأسهم قس أبيض وسيدة أمريكية مثقفة أسلموا على يديه في ولايتي نيوجرسي ومتشجن بعد أن دارت بينهم حوارات شديدة أطلعهم فيها على تسامح الإسلام واحترامه لأهل الملل الأخرى، وصيانته حقوق المرأة والزوجة ...إلى نص الحوار
أمريكية تعتنق الإسلام أثناء خطبة الجمعةنودّ أن تحدثنا عن ذكرياتك خلال شهر رمضان في رحلاتك إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟إنني أزور الولايات المتحدة سنويًا منذ عام 1985، وتكررت زيارتي لها مرتين عام 2005، غير أنني لا أنسى موقفين في شهر رمضان: الأول حينما طالبت من مرتادي المركز الإسلامي بجيرسي سيتي إعطاء فسحة من الوقت لإعداد خطبة الجمعة وتحديد عناصرها، غير أن هذا الأمر لم يتم؛ إذ حضرت إحدى السيدات الأمريكيات وتُدعى مارجريت، وطلبت مقابلة شيخ الإسلام الذي يشرف على المركز الإسلامي بحجة أنها تريد معلومات عن الإسلام لاختياره ديناً جديداً تريد اعتناقه بعد أن درست مختلف الملل والنحل، فما كان مني إلاّ أن استوضحت اسمها، وأجبت عن جميع استفساراتها التي دارت حول معاملة الزوجة في الإسلام وحقوقها، وكيف عالج الإسلام قضية العلاقة الشرعية، وطرحتْ أيضًا سؤالاً عما يتردد عن أن الإسلام قد انتشر بحد السيف! لكني رددت عليها بآيات القرآن الكريم (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ). [سورة يونس: من الآية 99]، وكذلك الآية الكريمة (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ). [سورة التوبة: 6]، ثم رجعت إلى قضية المرأة، وأكّدت لها احترام الإسلام الشديد لها، حتى إن السيدة مريم ذُكرت في القرآن (37) مرة، كما أن لها سورة كاملة في القرآن الكريم باسمها، وسورة عائلية تتحدث عنها وهي سورة آل عمران.
وبعدها صعدت لأخطب الجمعة بعد أن اتفقت معها ومع المترجمين بأن عليها أن ترفع يديها أثناء الخطبة إذا اقتنعت بما أقوله أو أرادت أن تنطق بالشهادتين، بعد أن خصصت الخطبة لحقوق المرأة في الإسلام والعلاقة الزوجية، وهو ما حدث بالفعل؛ إذ رفعت يدها في الخطبة الثانية، وبعد الصلاة قمت بتلقينها الشهادتين، واعتنقت الإسلام.
أخلاقيّات الإسلام هل تكررت حادثة مارجريت مرات عديدة في أثناء وجودك في شهر رمضان في أمريكا؟في شهر رمضان وطوال وجودي في الـ (20) ولاية لم يكن يمر يوم إلاّ ويعتنق أمريكي أو أمريكية للإسلام، لدرجة أنني كنت في ولاية ميتشيجن، وفوجئت بقس أمريكي أبيض اعتاد الحضور إلى المركز، ليعلن إسلامه في منتصف شهر رمضان، إدراكًا منه للأخلاق العظيمة التي يبثها الإسلام في معتنقيه، وكيف تمسك المسلمون بهذه الأخلاق.
وكان الفارق شاسعًا بينهم وبين معتنقي الأديان الأخرى، وقد رأيت بأم عيني مع هذا القس كيف كان بعض الأمريكيين يجتمعون أمام المراكز الإسلامية ليمارسوا الزنا جهارًا نهارًا وبشكل جماعي لإفساد صيام الصائمين، فضلاً عن إقامة حفلات "البوفيه المفتوح" أمام المسلمين الصائمين لدرجة أن أحدهم كان يأكل حتى الامتلاء التام، ثم يتقيأ ويعاود الأكل مرة ثانية، ولا يحترم أي مشاعر للمسلمين الصائمين.
وما هي أهم ملامح شهر رمضان في الولايات المتحدة الأمريكية؟لقد لفت نظري عدة ظواهر في السنوات العشرين الماضية، أهمها حرص النساء المسلمات في الولايات المتحدة الأمريكية على الاعتكاف في المساجد في شهر رمضان بصورة أقوى بكثير من الرجال، حيث كان يُخلى الدور الثالث للسيدات، ويبقى الدور الأول والثاني للرجال. كذلك وجدت حرصًا من الجالية المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية على الصلاة والتراويح.
ويفضل بعض مسلمي الولايات المتحدة تناول إفطارهم طوال رمضان بالمسجد حتى يتسنى لهم مقابلة أصدقائهم والاستمتاع بتلك الأوقات المباركة مع باقي أفراد الجالية الإسلامية التي تُعَدّ بمثابة الأسرة الكبيرة لهم.
والتجمعات اليومية على الإفطار لمسلمي أمريكا تشبه اللقاءات الثقافية التي يقوم خلالها الأشخاص بتقديم أنواع مختلفة من الأطعمة، فضلاً عن التزام كل منهم بتقاليده وعاداته؛ إذ يتراوح عدد المسلمين في أمريكا بين (5 -10) ملايين نسمة من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ عددهم نحو (300) مليون نسمة.
برأيك هل تأثرت الدعوة الإسلامية في الولايات المتحدة بعد أحداث سبتمبر؟نعم هناك تأثيرات سلبية عديدة على الدعوة الإسلامية، غير أنها لا تصل إلى مرحلة التراجع، فالأمريكان الذين يعتنقون الإسلام في تزايد، خصوصًا في شهر رمضان، ومن فضل الله أن الدعاة المسلمين في واشنطن لم يتأثروا سلبًا بقضية التصنّت على المراكز الإسلامية والمساجد، فهذا الأمر لا يضيرنا، بل سيثبت أننا لا نحمل أي نوايا شريرة تجاه الأمريكان.
ومنذ هجمات سبتمبر تحرص الأقلية المسلمة في الولايات المتحدة على توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، وإزالة الصورة السيئة التي علقت بأذهان الأمريكيين عقب تلك الهجمات.