دخل الإسلام منطقة بكين في القرن العاشر الميلادي. ويعتبر مسجد نيوجيه (شارع البقر) أقدم مسجد في بكين بُني عام 996 في عهد أسرة لياو.
ازدهر الإسلام في عهد أسرة يوان (1271-1368) وبسبب دخول عدد كبير من المسلمين إلى بكين، فبني فيها مسجد دونغسي ومسجد أرليتشوانغ على التوالي.
وانتهجت أسرة مينغ (1368-1644) سياسة التسامح مع القوميات، فبنيت أربعة مساجد جديدة منها مسجد هواشي إلى جانب ترميم المساجد التي بنيت في عهد أسرتي لياو ويوان.
كان عهد أسرة تشينغ (1644-1911) أسرع فترة لانتشار الإسلام في الصين، وبنيت أكثر من 30 مسجداً من فترة حكم الإمبراطور شون تشي إلى فترة حكم الإمبراطور قوانغ شيوي.
وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، شهد الإسلام تطوراً سريعاً في بكين. تأسست الجمعية الإسلامية الصينية عام 1953 في بكين. وبدعم ودفع منها تأسست جمعية بكين الإسلامية. بلغ عدد المساجد في بكين 68 مسجداً حاليا.
ومن المعروف أن المسجد هو حامل للثقافة الإسلامية، ولكل مسجد مضمون ثقافي غني، تتطور أساليب عمارته وأشكاله مع تنوع وظائفه الدينية. ذلك مثل قول بعض العلماء: "المسجد مثبت داخل إطار ثقافي عصري، هو فن ديني مشبع بأجواء تاريخية وفلسفية دينية كثيفة للقوميات المؤمنة بالإسلام." ثقافة المساجد ببكين ناتج عن التبادلات بين الثقافتين الصينية والعربية والامتزاج المتبادل بينهما، وبلورة أفكار القوميات المسلمة وأعمالها الدؤوبة ، وجمعت بين التاريخ والثقافة الدينية والقومية والتعليمية والمعمارية وفن الخط والفنون، وتشكل لها نظام معماري وأسلوب فني متميز.
ومعظم المساجد في بكين من البنايات التي تجمع الأسلوبين الصيني والعربي. يتميز توزيع البنايات العام لها بالتناظر الصارم والخط المحوري الواضح، وبناياتها مسقوفة بالقراميد المزجج فتبدو فاخرة وعظيمة مثل البنايات الإمبراطورية الصينية. وفي منظور النظام المعماري، يتكون المسجد دائما من العديد من الأفنية، وغرفه واسعة ومضاءة، والباب الرئيسي الكبير والمصلى والقاعات الجانبية الرئيسية والمئذنة وجوسق الأنصاب التذكارية، وكلها ذات أفاريز خشبية كبيرة وسقوف داخلية مثل القصور التقليدية الصينية، وفي بعض المساجد يوجد حاجز صيني الأسلوب أمام بابه الرئيسي.
وإذا دققت النظر وجدت أن أسلوب توزيع البنايات في المساجد ببكين متغير ومرن، وتتجه كل المصليات والقاعات الخلفية إلي الشرق، خلافا لأسلوب توزيع البنايات الصيني التقليدي وهو أن تتجه كل بناية رئيسية إلى الجنوب، بينما نجد ديكور الحاجز مختلفا عن الأشكال التقليدية الصينية، لأنه متميز بالأسلوب الإسلامي. وبالنسبة للديكور الداخلي للمصلى في كل مسجد ببكين، نلاحظ أنه يتميز بالمزج والجمع الرائع بين فن الزخرفة العربي والزخرفة المعمارية التقليدية الصينية مع إبراز المضمون الإسلامي، مما شكل ثقافة مسجدية ذات خصائص صينية في بكين.
المصلى مزخرف داخليا بالآيات القرآنية أو الأشكال الهندسية أو الزهور والأعشاب مثل المساجد العربية تماما، ولا تستخدم صور الحيوانات أبدا.